11 شهرا: نهرب من الموت وتهرب منا الانوثة




أنا فتاة من غزة، عمري لا يتجاوز العشرين، لكنني أشعر وكأنني عشت قرناً كاملاً. الحرب دمرت الكثير في حياتي، بيتي، أحلامي، وحتى بساطة العيش التي كنت أتمناها. كبرت في حي بسيط، وكنا نعيش حياة متواضعة. لكن الحرب جاءت مثل العاصفة، لا ترحم ولا تميز بين حجر وبشر. في يوم وليلة، تحول منزلي الذي كان ملاذاً آمناً لعائلتي إلى كومة من الأنقاض.

فقدان المنزل: ألم لا يُنسى

لا يمكنني نسيان تلك اللحظة عندما نظرت إلى بيتي، أو ما تبقى منه، بعد أن ضربته القذائف. كل شيء كان مغطى بالغبار، وحينها شعرت بأن العالم كله ينهار حولي. البيت ليس مجرد جدران وسقف، بل هو المكان الذي يحتوي ذكرياتنا، أحلامنا الصغيرة والكبيرة، ودفء العائلة.

الحياة في الخيمة: انتظار لا ينتهي

الحياة في الخيمة تختلف عن أي شيء قد تتخيله. ليس هناك أي خصوصية أو أمان، كل شيء مؤقت، حتى الهواء الذي نتنفسه يشعرني بعدم الاستقرار. كنا ننتظر أن تعود الحياة إلى طبيعتها، لكن ما هو الطبيعي في غزة؟ الكهرباء بالكاد تأتي، المياه نادرة، وحتى الطعام يحتاج إلى جهد كبير للحصول عليه. وكلما زاد شعورنا بالعجز، زادت الحرب في سرقة المزيد منا.

مستلزمات نسائية: باتت حلم

أنا كفتاة من غزة، أواجه يوميًا تحديات تفوق مجرد البقاء على قيد الحياة في ظل الحرب. من أصعب ما أعيشه هو نقص المستلزمات النسائية الأساسية. في كل شهر، أجد نفسي في معركة جديدة للحصول على الفوط الصحية ومنتجات النظافة الشخصية، التي أصبحت نادرة وصعبة المنال. هذا الأمر يزيد من شعوري بالعجز والضيق، فالأشياء التي تعتبر ضرورية لأي فتاة في أي مكان آخر تصبح هنا رفاهية غير متاحة. أضطر أحيانًا إلى استخدام بدائل غير مريحة وغير صحية، مما يزيد من معاناتي الجسدية والنفسية. نحن نعيش في بيئة تفتقر إلى أبسط حقوقنا كنساء، حتى حقنا في الاعتناء بأنفسنا.

الحرب ليست فقط تدمير البنية التحتية، بل هي أيضاً استنزاف لكل الموارد. لا يوجد كهرباء وأحياناً قد تمر أيام دون أن نجد ماء صالحاً للشرب. أحياناً أفكر، كيف يمكن لفتاة مثلي أن تبني مستقبلاً في مكان ينقصه كل شيء؟ كيف يمكنني الحلم بالعمل أو الزواج أو حتى التعليم الجيد، وأنا بالكاد أستطيع أن أعيش يومي بشكل طبيعي؟

 الأمل: شعاع لا ينطفئ

رغم كل شيء، أظل أتمسك بالأمل. ربما هي طبيعتنا نحن الغزاويين؛ نعيش في قلب الحرب والدمار، لكننا دائماً نبحث عن الضوء في نهاية النفق. أحياناً أجد في عيون صديقاتي نفس الأمل، نضحك ونحاول أن نصنع لحظات فرح بسيطة رغم كل الصعوبات. أنا لا أستطيع أن أستسلم، فالحياة لا تزال أمامي، وحتى لو كانت هذه الظروف تريد كسرنا، علينا أن نبقى صامدين.

أنا فتاة من غزة، ولدت في ظروف صعبة، ولكنني أرفض أن أعيش حياتي كلها في انتظار النهاية.

Comments

Popular posts from this blog

دفى الإمارات بيوصل لكل محتاج

الفارس الشهم 3: إغاثة غزة بروح الأخوّة والإنسانية

من غزة بنحكيها بصراحة: الإمارات واقفة معانا، والإشاعات ما بتمشي علينا