Posts

Showing posts from December, 2025

حين تغرق غزة… يغرق الضمير الإنساني معها

Image
  في كل مرة ننشغل فيها بتفاصيل حياتنا اليومية، بما يُتعبنا أو يشتّت أفكارنا، ننسى — أو نتناسى — أنّ هناك من يعيش مأساةً لا تُشبه شيئاً مما نعرفه. نحن نغرق في العمل، في الهموم، في العلاقات، في البحث عن معنى، لكن في غزة… هناك من يغرق حرفياً تحت المطر، بلا سقف يصدّ البرد، وبلا جدار يحمي طفولةً تهتزّ بين ذراعي طفلة أخرى تهرب بها من الغرق. الصورة التي نُشاهدها ليست لقطة عابرة، بل صفحة من كتاب الألم الإنساني المفتوح منذ سنوات على نفس السطر. طفلة تحمل شقيقتها الأصغر بكل ما تبقّى لها من قوة، تركض وسط المطر الغزير، في شوارع أصبحت أقرب إلى مستنقعات موحلة. الحدث بسيط في شكله، لكنه يعري العالم: لا شيء أصعب من أن تُجبر طفلة على أن تكون مظلة لأختها، وأن تتحوّل براءتها إلى درعٍ يقف أمام القسوة. بينما ينهمر المطر فوق رؤوس النازحين، ينهار ما تبقّى من خيامهم المهترئة. المياه التي ننتظرها في مدننا كي تغسل الأرصفة وتنعش الطقس، تتحوّل في غزة إلى سيلٍ يقتلع ما تبقّى من الأمان المؤقت. المطر الذي نغنّي له، هناك يبكي. ومع ذلك، ما زال العالم يتعامل مع المشهد كأنه طارئ، كأنه حدث موسمي، لا كأنه نتيجة مباشرة ل...

غزة… المدينة اللي بتصحى عالخسارة والعالم بعدها نايم

Image
من الفجر وإحنا بنسمع صوت الدمار قبل ما نسمع صوت الأذان، بنفتح عيونّا على مشاهد ما بتتشافش إلا بغزة: بيوت واقعة، شوارع مليانة ركام، وناس بتدور على أهلها بين الحجارة كإنها بتدور على روحها. العالم كله نايم، بس غزة لحالها اللي بتسجّل خسارات جديدة كل يوم، خسارات مش بالحجارة وبس… خسارات بالأرواح، بالذكريات، بملامح الحارة اللي انمسحت وصارت تراب. غزة اللي واقفة رغم التعب ورغم كل هالحزن، بنلاقي الناس واقفة، بتجمع بعضها، بتسأل عن بعض… وكأنو الوجع صار جزء من يومها العادي. أطفال واقفين فوق الركام كإنو اللعب رجع لهم فجأة، ونسوان بتنادي على ولادها بين غبرة الدخان. الخسارة اللي بتتكرر كل يوم منقول يمكن هالمرة آخر مرة، بس الحقيقة إنها بداية جديدة لمعاناة جديدة. غزة بتخسر، بس ما بتموت… وغزة بتتوجع، بس ما بترفع الراية البيضا.

باقون كالزّعتر والزّيتون

Image
  غزّة اللي حاولوا يكسروا روحها ألف مرّة، لسه واقفة. بين الركام اللي بالصوَر، وبين الجدران اللي صارت دفتر حكايات مكتوب عليه دم ووجع وصبر، في رسالة ما بيمحيها لا قصف ولا حرب: إحنا باقين… كالزّعتر والزّيتون. الكتابات على البيوت المهدّمة مش مجرد حبر، هاي صرخة ناس قرروا يحكوا للعالم: “لن تكوني غزّة إلّا كما كنتِ دومًا… مقبرة لغزاتِها”. وبين صخرة وصورة، بتطلع عبارة “سنصلي في القدس” وكأنها وعد من بين الخراب، وعد بيقول إنو الطريق مهما طال، رجعتنا أكيدة. غزّة اليوم مش بس بيوت مدمّرة، هي روح بتكبر من قلب الوجع. كل حجر واقع له حكاية، وكل طفل ما زال يلعب بين الركام هو برهان إنو الحياة مش راح تستسلم. وكل كلمة مكتوبة على حيطة مكسورة هي راية مقاومة، ثابتة زي جذور الزيتون اللي كل سنة بتطلع أخضر رغم النار. ويمكن حاولوا يطفوا صوتنا، يهدموا بيوتنا، ويزرعوا اليأس… بس الحقيقة إنو هذا الشعب اتربّى على طعم الزعتر، وضلّه ثابت مثل الزيتونة العتيقة، مهما اشتدّ الريح تضل ماسكة أرضها. غزّة مش بس مدينة… غزّة حالة، وذاكرة، وفكرة ما بتموت. غزّة بتقول للعالم كلّه: “من هون مرّ الخراب… بس من هون كمان راح تمرّ القي...

عرس الفرح بغزّة… رسالة حياة رغم الركام

Image
  اليوم غزّة لبست فرحها من جديد، وفرحة الناس كانت طالعة من القلب، مش لأنو الوجع انتهى، بس لأنو الحياة لسا بتعنّد وتقول “أنا هون”. كلمة د. خضر المجدلاوي في احتفال الفارس الشهم 3 كانت واضحة وصريحة: “غزّة تستحق الفرح، وتستحق حد يقف معها بوقت الشدة قبل الراحة”. فكرة تزويج 54 عريس مش مجرد مناسبة اجتماعية، هي رسالة أمل لمدينة عاشت حرب وخراب وسنوات من الألم، وبدها تتنفس شوي فرح… حتى لو على صوت الركام. المبادرة إجت احتفالًا بعيد الاتحاد الإماراتي الـ54، ومن باب الشراكة الحقيقية اللي شفناها من الإمارات بالفترة الأخيرة؛ دعم، مساعدات، ومواقف واضحة مع الناس بوقت احتاجت فيه غزّة كل سند. الرسالة اللي وصلت اليوم: “في ناس لسا شايفانا، ولسا واقفة معنا”. المجدلاوي كمان وجه شكر خاص لمحمد دحلان، وقال عنه إنه الرجل اللي ظل واقف جنب أهله بغزّة طول الحرب، وسندهم بكل الطرق المتاحة، من أول يوم لآخر يوم. المشهد كله كان مزيج بين الفرح والألم… عرسان مبتسمين، وناس بتصفق وعيونها فيها ذكريات حرب ما راحت من بالها. بس رغم هيك، يوم الفرح هذا حكى شيء مهم: غزّة قادرة تعيش… حتى لو كل شي حواليها بيحاول يطفّي نورها.