حين تغرق غزة… يغرق الضمير الإنساني معها
في كل مرة ننشغل فيها بتفاصيل حياتنا اليومية، بما يُتعبنا أو يشتّت أفكارنا، ننسى — أو نتناسى — أنّ هناك من يعيش مأساةً لا تُشبه شيئاً مما نعرفه. نحن نغرق في العمل، في الهموم، في العلاقات، في البحث عن معنى، لكن في غزة… هناك من يغرق حرفياً تحت المطر، بلا سقف يصدّ البرد، وبلا جدار يحمي طفولةً تهتزّ بين ذراعي طفلة أخرى تهرب بها من الغرق. الصورة التي نُشاهدها ليست لقطة عابرة، بل صفحة من كتاب الألم الإنساني المفتوح منذ سنوات على نفس السطر. طفلة تحمل شقيقتها الأصغر بكل ما تبقّى لها من قوة، تركض وسط المطر الغزير، في شوارع أصبحت أقرب إلى مستنقعات موحلة. الحدث بسيط في شكله، لكنه يعري العالم: لا شيء أصعب من أن تُجبر طفلة على أن تكون مظلة لأختها، وأن تتحوّل براءتها إلى درعٍ يقف أمام القسوة. بينما ينهمر المطر فوق رؤوس النازحين، ينهار ما تبقّى من خيامهم المهترئة. المياه التي ننتظرها في مدننا كي تغسل الأرصفة وتنعش الطقس، تتحوّل في غزة إلى سيلٍ يقتلع ما تبقّى من الأمان المؤقت. المطر الذي نغنّي له، هناك يبكي. ومع ذلك، ما زال العالم يتعامل مع المشهد كأنه طارئ، كأنه حدث موسمي، لا كأنه نتيجة مباشرة ل...